کد مطلب:90507 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:257
كَانَ حَیّاً بِلاَ « كَیْفَ »، وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ « كَانَ »، وَ لاَ كَانَ لِكَانِهِ « كَیْفَ »، وَ لاَ كَانَ لَهُ « أَیْنَ »، وَ لاَ كَانَ فی شَیْ ءٍ، وَ لاَ كَانَ عَلی شَیْ ءٍ، وَ لاَ ابْتَدَعَ لِكَانِهِ مَكَاناً، وَ لاَ قَوِیَ بَعْدَ مَا كَوَّنَ شَیْئاً، وَ لاَ كَانَ ضَعیفاً قَبْلَ أَنْ یُكَوِّنَ شَیْئاً، وَ لاَ كَانَ مُسْتَوْحِشاً قَبْلَ الاِبْتِدَاعِ، وَ لاَ كَانَ خُلْواً عَنِ الْمُلْكِ قَبْلَ الاِنْشَاءِ، وَ لاَ یَكُونُ خُلْواً مِنْهُ بَعْدَ الذَّهَابِ. كَانَ إِلهاً حَیّاً بِلاَ حَیَاةٍ، وَ مَالِكاً قَبْلَ أَنْ یُنْشِئَ شَیْئاً، وَ مَالِكاً بَعْدَ إِنْشَائِهِ لِلْكَوْنِ. وَ لَیْسَ یَكُونُ للَّهِ « كَیْفَ » وَ لاَ « أَیْنَ »، وَ لاَ حَدٌّ یُعْرَفُ، وَ لاَ شَیْ ءَ یَشْبَهُهُ. وَ لاَ یَهْرَمُ لِطُولِ بَقَائِهِ، وَ لاَ یَضْعُفُ لِذَعْرَةٍ، وَ لاَ یَخَافُ كَمَا تَخَافُ خَلیقَتُهُ مِنْ شَیْ ءٍ، وَ لكِنْ سَمیعٌ بِغَیْرِ سَمْعٍ، وَ بَصیرٌ بِغَیْرِ بَصَرٍ، وَ قَوِیٌّ بِغَیْرِ قُوَّةٍ مِنْ خَلْقِهِ. لاَ تُدْرِكُهُ حَدْقُ النَّاظِرینَ، وَ لاَ یُحیطُ بِهِ سَمْعُ السَّامِعینَ. إِذَا أَرادَ شَیْئاً كَانِ، بِلاَ مَشُوِرَةٍ وَ لاَ مُظَاهَرَةٍ وَ لاَ مُخَابَرَةٍ، وَ لاَ یَسْأَلُ أَحَداً عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَرَادَهُ. لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَ هُوَ یُدْرِكُ الأَبْصَارُ وَ هُوَ اللَّطیفُ الْخَبیرُ[1]. [صفحه 251] اَلْحَمْدُ للَّهِ النَّاشِرِ فِی الْخَلْقِ فَضْلَهُ، وَ الْبَاسِطِ فیهِمْ بِالْجُودِ یَدَهُ، نَحْمَدُهُ فی جَمیعِ أُمُورِهِ، وَ نَسْتَعینُهُ عَلی رِعَایَةِ حُقُوقِهِ. وَ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ غَیْرُهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِأَمْرِهِ صَادِعاً، وَ بِذِكْرِهِ نَاطِقاً، فَأَدَّی[2]، صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ، الرِّسَالَةَ أَمیناً، وَ مَضی[3] رَشیداً. وَ خَلَّفَ فینَا رَایَةَ الْحَقِّ، مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ[4] عَنْهَا زَهَقَ، وَ مَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ، دَلیلُهَا مَكیثُ الْكَلاَمِ، بَطی ءُ الْقِیَامِ، سَریعٌ إِذَا قَامَ. فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَهُ رِقَابَكُمْ، وَ أَشَرْتُمْ إِلَیْهِ بِأَصَابِعِكُمْ، جَاءَهُ الْمَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ. حَتَّی إِذَا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، رَجَعَ قَوْمٌ عَلَی الأَعْقَابِ، وَ غَالَتْهُمُ السُّبُلُ، وَ اتَّكَلُوا عَلَی الْوَلاَئِجِ، وَ وَصَلُوا غَیْرَ الرَّحِمِ، وَ هَجَرُوا السَّبَبَ[5] الَّذی أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ، وَ نَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِهِ فَبَنَوْهُ فی غَیْرِ مَوْضِعِهِ. فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّی یُطْلِعَ اللَّهُ لَكُمْ مَنْ یَجْمَعُكُمْ، وَ یَضُمُّ نَشْرَكُمْ. فَلاَ تَطْمَعُوا[6] فی غَیْرِ مُقْبِلٍ، وَ لاَ تَیْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، فَإِنَّ الْمُدْبِرَ عَسی أَنْ تَزِلَّ إِحْدی قَائِمَتَیْهِ، وَ تَثْبُتَ الأُخْری، فَتَرْجِعَا حَتَّی تَثْبُتَا جَمیعاً. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَقْصِمْ جَبَّاری دَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ بَعْدِ تَمْهیلٍ وَ رَخَاءٍ، وَ لَمْ یَجْبُرْ كَسْرَ[7] عَظْمِ أَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ إِلاَّ بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلاَءٍ. [صفحه 252] أَیُّهَا النَّاسُ[8]، وَ فی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ[9]، وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خِصْبٍ[10] مُعْتَبَرٌ، وَ مَا كُلُّ ذی قَلْبٍ بِلَبیبٍ، وَ لاَ كُلُّ ذی سَمْعٍ بِسَمیعٍ، وَ لاَ كُلُّ ذی نَاظِرٍ[11] بِبَصیرٍ. أَلاَ فَأَحْسِنُوا النَّظَرَ، عِبَادَ اللَّهِ، فیمَا یَعْنیكُمُ[12]، ثُمَّ انْظُرُوا إِلی عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ اللَّهُ بِعَمَلِهِ، كَانُوا عَلی سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ، وَ زُرُوعٍ وَ مَقَامٍ كَریمٍ. ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الثُّبُورِ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ، وَ مَقیلٍ مِنَ الأَمْنِ وَ الْحُبُورِ، وَ الأَمْرِ وَ النَّهْیِ، فَهَا هِیَ عَرْصَةٌ لِلْمُتَوَسِّمینَ، وَ إِنَّهَا لَبِسَبیلٍ مُقیمٍ[13]. وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِی الْجِنَانِ، وَ اللَّهِ، مُخَلَّدُونَ، وَ للَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ. فَوَاهاً لأَهْلِ الْعُقُولِ، كَیْفَ أَقَامُوا بِمَدْرَجَةِ السُّیُولِ، وَ اسْتَضَافُوا غَیْرَ مَأْمُونٍ[14]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا[15] الدُّنْیَا دَارُ مَجَازٍ، وَ الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ[16]، فَخُذُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ[17]، مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ، وَ لاَ تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ یَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ[18]. وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْیَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ[19] مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفیهَا اخْتُبِرْتُمْ، وَ لِغَیْرِهَا خُلِقْتُمْ. [صفحه 253] إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا مَثَلُ السُّمِّ یَأْكُلُهُ مَنْ لاَ یَعْرِفُهُ[20]. إِنَّ الْمَرْءَ[21]، إِذَا هَلَكَ، قَالَ النَّاسُ: مَا تَرَكَ[22]، وَ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: مَا قَدَّمَ. للَّهِ آبَاؤُكُمْ، فَقَدِّمُوا بَعْضاً یَكُنْ لَكُمْ[23]، وَ لاَ تُخْلِفُوا كُلاً فَیَكُونَ عَلَیْكُمْ[24]. فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَیْرَ مَالِهِ، وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ ثَقُلَ بِالصَّدَقَاتِ وَ الْخَیْرَاتِ مَوَازینُهُ، وَ أَحْسَنَ فِی الْجَنَّةِ بِهَا مِهَادَهُ، وَ طَیَّبَ عَلَی الصِّرَاطِ بِهَا مَسْلَكَهُ[25]. فَإِنَّهُ، وَ اللَّهِ، الْجِدُّ لاَ اللَّعِبُ، وَ الْحَقُّ لاَ الْكَذِبُ. وَ مَا هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ قَدْ أَسْمَعَ دَاعِیهِ، وَ أَعْجَلَ حَادیهِ. فَلاَ یَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ، وَ قَدْ رَأَیْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ الأَمْوَالَ[26]، وَ حَذِرَ الاِقْلاَلَ، وَ أَمِنَ الْعَوَاقِبَ، طُولَ أَمَلٍ، وَ اسْتِبْعَادَ أَجَلٍ، كَیْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ، وَ أَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ، مَحْمُولاً عَلی أَعْوَادِ الْمَنَایَا، یَتَعَاطی بِهِ الرِّجَالُ الرِّجَالَ، حَمْلاً عَلَی الْمَنَاكِبِ، وَ إِمْسَاكاً بِالأَنَامِلِ. أَمَا رَأَیْتُمُ الَّذینَ یَأْمَلُونَ بَعیداً، وَ یَبْنُونَ مَشیداً، وَ یَجْمَعُونَ كَثیراً؟. أَصْبَحَتْ[27] بُیُوتُهُمْ قُبُوراً، وَ مَا جَمَعُوا بُوراً، وَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثینَ، وَ أَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرینَ، لاَ فی حَسَنَةٍ یَزیدُونَ، وَ لاَ مِنْ سَیِّئَةٍ یُسْتَعْتَبُونَ. [صفحه 254] فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوی قَلْبَهُ بَرَزَ مَهَلُهُ[28]، وَ فَازَ عَمَلُهُ. فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا، وَ اعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا. فَإِنَّ الدُّنْیَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ، بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ[29] إِلی دَارِ الْقَرَارِ. فَكُونُوا مِنْهَا عَلی أَوْفَازٍ، وَ قَرِّبُوا الظُّهُورَ لِلزِّیَالِ[30]، وَ لاَ تَخْدَ عَنَّكُمْ مِنْهَا الْعَاجِلَةُ، وَ لاَ تَغُرَّنَّكُمْ فیهَا الْفِتْنَةُ[31]. أَلاَ إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ، إِذَا خَوی مِنْهَا نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ. فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللَّهِ فیكُمُ الصَّنَائِعُ، وَ أَرَاكُمْ مَا كُنْتُمْ تَأْمَلُونَ[32]. فَیَا عَجَباً[33] وَ مَا لی لاَ أَعْجَبُ مِنْ خَطَأِ هذِهِ الْفِرَقِ عَلَی اخْتِلاَفِ حُجَجِهَا فی دینِهَا. وَ بُؤْساً لِهذِهِ الأُمَّةِ الْجَائِرَةِ[34] فی قَصْدِهَا، الرَّاغِبَةِ عَنْ رُشْدِهَا[35]. لاَ یَقْتَصُّونَ[36] أَثَرَ نَبِیٍّ، وَ لاَ یَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِیٍّ، وَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِغَیْبٍ، وَ لاَ یَعِفُّونَ[37] عَنْ عَیْبٍ. یَعْمَلُونَ فِی الشُّبُهَاتِ[38]، وَ یَسیرُونَ فِی الشَّهَوَاتِ. اَلْمَعْرُوفُ فیهِمْ مَا عَرَفُوا، وَ الْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا. [صفحه 255] مَفْزَعُهُمْ فِی الْمُعْضَلاَتِ إِلی أَنْفُسِهِمْ، وَ تَعْویلُهُمْ فِی الْمُبْهَمَاتِ عَلی آرَائِهِمْ. كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ. قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فیمَا یَری بِعُریً ثِقَاتٍ[39]، وَ أَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ. فَلاَ یَزَالُونَ بِجَوْرٍ، لاَ یَأْلُونَ قَصْداً، وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلاَّ خَطَأً. لاَ یَنَالُونَ تَقَرُّباً، وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلاَّ بُعْداً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لِشِدَّةِ أُنْسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَ تَصْدیقِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. كُلُّ ذَلِكَ حِیَاداً مِمَّا وَرَّثَ الرَّسُولُ النَّبِیُّ الأُمِّیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ نُفُوراً عَمَّا أَدَّی إِلَیْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ الْعَلیمِ الْخَبیرِ. فَهُمْ أَهْلُ عَشَوَاتٍ، وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَ قَادَةُ حَیْرَةٍ وَ ضَلاَلَةٍ وَ رَیْبَةٍ. مَنْ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلی نَفْسِهِ وَ رَأْیِهِ، فَاغْرَوْرَقَ فِی الأَضَالیلِ، فَهُوَ مَأْمُونٌ عِنْدَ مَنْ یَجْهَلُهُ، غَیْرُ مُتَّهَمٍ عِنْدَ مَنْ لاَ یَعْرِفُهُ. فَمَا أَشْبَهَ أُمَّةً صُدَّتْ عَنْ وُلاَتِهَا بِأَنْعَامٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا. هذَا وَ قَدْ ضَمِنَ اللَّهُ قَصْدَ السَّبیلِ، لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیَا مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمیعٌ عَلیمٌ[40]. أَیَّتُهَا الأُمَّةُ الْمُتَحَیِّرَةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا فی دینِهَا، الَّتی خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ، وَ عَرَفَتْ خَدیعَةَ مَنْ خَدَعَهَا فَأَصَرَّتْ عَلی مَا عَرَفَتْ، وَ اتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا، وَ خَبَطَتْ فی عَشْوَاءِ غَوَایَتِهَا. وَ قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ فَصَدَعَتْ عَنْهُ، وَ الطَّریقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ. أَمَا وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْ كُنْتُمْ قَدَّمْتُمْ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، وَ أَخَّرْتُمْ مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، وَ جَعَلْتُمُ الْوِلاَیَةَ وَ الْوِرَاثَةَ حَیْثُ جَعَلَهَا اللَّهُ، وَ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَ شَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ، وَ ادَّخَرْتُمُ الْخَیْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَ أَخَذْتُمُ الطَّریقَ مِنْ وَاضِحِهِ، وَ سَلَكْتُمُ الْحَقَّ مِنْ نَهْجِهِ، لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ، وَ بَدَتْ لَكُمُ الأَعْلاَمُ، وَ أَضَاءَ لَكُمُ الإِسْلاَمُ، فَأَكَلْتُمْ رَغَداً، وَ مَا عَالَ فیكُمْ عَائِلٌ، وَ لاَ ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَ لاَ مُعَاهِدٌ. وَ لكِنَّكُمْ سَلَكْتُمْ سُبُلَ الظَّلاَمِ، فَأَظْلَمَتْ عَلَیْكُمْ دُنْیَاكُمْ بَرَحْبِهَا، وَ سُدَّتْ عَلَیْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ، [صفحه 256] فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ، وَ اخْتَلَفْتُمْ فی دینِكُمْ، فَأَفْتَیْتُمْ فی دینِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ. وَ اتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَوْكُمْ، وَ تَرَكْتُمُ الأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ. إِذَا ذُكِرَ الأَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ: هُوَ الْعِلْمُ بِعَیْنِهِ، فَكَیْفَ وَ قَدْ تَرَكْتُمُوهُ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَ خَالَفْتُمُوهُ؟. فَذُوقُوا وَ بَالَ أَمْرِكُمْ، وَ مَا فَرَّطْتُمْ فیمَا قَدَّمَتْ أَیْدیكُمْ، وَ مَا اللَّهُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبیدِ. رُوَیْداً، عَمَّا قَلیلٍ تَحْصُدُونَ جَمیعَ مَا زَرَعْتُمْ، وَ تَجِدُونَ وَخیمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ[41] وَ مَا اجْتَلَبْتُمْ. فَوَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنّی صَاحِبُكُمْ، وَ الَّذی بِهِ أُمِرْتُمْ، وَ أَنّی عَالِمُكُمْ، وَ الَّذی بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ، وَ وَصِیُّ نَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّه عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ خِیَرَةُ رَبِّكُمْ، وَ لِسَانُ نُورِكُمْ، وَ الْعَالِمُ بِمَا یُصْلِحُكُمْ. فَعَنْ قَلیلٍ، رُوَیْداً، یَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ، وَ مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ، وَ سَیَسْأَلُكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ، فَمَعَهُمْ تُحْشَرُونَ، وَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ غَداً تَصیرُونَ، وَ سَیَعْلَمُ الَّذینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ[42]. وَ وَا أَسَفاً، أَسَفاً یُكْلِمُ الْقَلْبَ، وَ یُدْمِنُ الْكَرْبَ، مِنْ فِعْلاَتِ شیعَتی بَعْدَ مَهْلِكی، عَلی قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْیَوْمَ، وَ تَأَشُّبِ أُلْفَتِهَا، كَیْفَ یَسْتَذِلُّ بَعْدی بَعْضُهَا بَعْضاً[43]، وَ تَحَوَّلُ أُلْفَتُهَا بُغْضاً[44]. إِفْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ، وَ تَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ، فَكُلُّ حِزْبٍ[45] مِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْنٍ، أَیْنَمَا مَالَ مَالَ مَعَهُ عَلی[46] أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی وَ لَهُ الْحَمْدُ[47] سَیَجْمَعُهُمْ[48] لِشَرِّ یَوْمٍ لِبَنی أُمَیَّةَ، كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَریفِ. [صفحه 257] یُؤَلِّفُ اللَّهُ بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ. ثُمَّ یَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ أَبْوَاباً یَسیلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ كَسَیْلِ الْجَنَّتَیْنِ، سَیْلِ الْعَرِمِ[49]، حَیْثُ بَعَثَ عَلَیْهِ فَارَةً، فَ[50] لَمْ تَسْلَمْ عَلَیْهِ قَارَّةٌ، وَ لَمْ تَثْبُتْ عَلَیْهِ أَكَمَةٌ، وَ لَمْ یَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْدٍ، وَ لاَ حِدَابُ أَرْضٍ. یُذَعْذِعُهُمُ اللَّهُ فی بُطُونِ أَوْدِیَتِهِ، ثُمَّ یَسْلُكُهُمْ یَنَابیعَ فِی الأَرْضِ، یَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ، وَ یُمَكِّنُ بِهِمْ[51] لِقَوْمٍ فی دِیَارِ قَوْمٍ، تَشْریداً لِبَنی أُمَیَّةَ، وَ لِكَیْلاَ یَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا. یُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً، وَ یَنْقُضُ بِهِمْ عَلَی الْجَنْدَلِ مِنْ إِرَمَ، وَ یَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّیْتُونِ. فَوَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَیَكُونَنَّ ذَلِكَ، وَ كَأَنّی أَسْمَعُ صَهیلَ خَیْلِهِمْ، وَ طَمْطَمَةَ رِجَالِهِمْ[52]. وَ أَیْمُ اللَّهِ، لَیَذُوبَنَّ مَا فی أَیْدِیهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ عَلَی الْعِبَادِ[53] وَ التَّمْكینِ فِی الْبِلاَدِ[54]، كَمَا تَذُوبُ الإِلْیَةُ عَلَی النَّارِ. مَنْ مَاتَ مِنْهُمُ مَاتَ ضَالاً، وَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُفْضی مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ، وَ یَتُوبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلی مَنْ تَابَ. وَ لَعَلَّ اللَّهَ یَجْمَعُ شیعَتی بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ یَوْمٍ لِهؤُلاَءِ، وَ لَیْسَ لأَحَدٍ عَلَی اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِیَرَةُ، بَلْ للَّهِ الْخِیَرَةُ وَ الأَمْرُ جَمیعاً[55]. یَا أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْمُنْتَحِلینَ لِلإِمَامَةِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهَا كَثیرٌ[56]. وَ لَوْ لَمْ تَتَوَاكَلُوا أَمْرَكُمْ، وَ لَمْ[57] تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ، وَ لَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهینِ الْبَاطِلِ، لَمْ [صفحه 258] یَطْمَعْ فیكُمْ[58] مَنْ لَیْسَ مِثْلَكُمْ، وَ لَمْ یَقْوَ مَنْ قَوِیَ عَلَیْكُمْ، وَ عَلی هَضْمِ الطَّاعَةِ وَ إِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا[59]. لكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنی[60] إِسْرَائیلَ عَلی عَهْدِ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ. عَلَیْهِ السَّلاَمُ[61]. وَ لَعَمْری، لَیُضَعَّفَنَّ لَكُمُ[62] التّیهُ مِنْ بَعْدی بِاضْطِهَادِكُمْ وُلْدی أَضْعَافَ[63] مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائیلَ. أَمَا، وَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ لی عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ، أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ، وَ هُمْ أَعْدَادُكُمْ، لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّیْفِ حَتَّی تَؤُولُوا إِلَی الْحَقِّ، وَ تُنیبُوا لِلصِّدْقِ، فَكَانَ أَرْتَقُ لِلْفَتْقِ، وَ آخَذُ بِالرِّفْقِ. اَللَّهُمَّ فَاحْكُمْ بَیْنَنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمینَ. وَ لَعَمْری، أَنْ لَوِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدی نَهْلاً، وَ امْتَلأْتُمْ عِلَلاً، مُدَّةَ سُلْطَانِ بَنی أُمَیَّةَ، الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ، لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلی سُلْطَانِ النَّاعِقِ إِلَی الضَّلاَلَةِ، وَ لَأَجَبْتُمُ الْبَاطِلَ رَكْضاً[64] بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَ قَطَعْتُمُ الأَدْنی مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ[65]، وَ وَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. وَ لَعَمْری، أَنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فی أَیْدیهِمْ لَدَنَا التَّمْحیصُ لِلْجَزَاءِ، وَ كُشِفَ الْغِطَاءُ، وَ قَرُبَ الْوَعْدُ، وَ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ، وَ بَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَ لاَحَ لَكُمْ قَمَرُكُمْ الْمُنیرُ كَمِلْ ءِ شَهْرِهِ وَ كَلَیْلَةٍ. فَإِذَا اسْتَبَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ، وَ خَافُوا الْحَوْبَةَ[66]. وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ الدَّاعِیَ لَكُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ[67]، سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ صَلَّی [صفحه 259] اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَتَدَاوَیْتُمْ مِنَ الْعَمی وَ الصَّمَمِ، وَ اسْتَشْفَیْتُمْ مِنَ الْبُكُمِ[68]، وَ كُفیتُمْ مَؤُونَةَ الطَّلَبِ[69] وَ الاِعْتِسَافِ[70]، وَ نَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ عَنِ الأَعْنَاقِ. وَ لاَ یُبْعِدُ اللَّهُ إِلاَّ مَنْ أَبَی الرَّحْمَةَ، وَ فَارَقَ الْعِصْمَةَ، وَ ظَلَمَ وَ اعْتَسَفَ، وَ أَخَذَ مَا لَیْسَ لَهُ، وَ سَیَعْلَمُ الَّذینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ[71].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ.
صفحه 251، 252، 253، 254، 255، 256، 257، 258، 259.
و هامش متن منهاج البراعة ج 6 ص 241. و نسخة الصالح ص 121. و نسخة العطاردی ص 86. باختلاف یسیر. و الإرشاد للمفید ص 156.